القائمة الرئيسية

الصفحات

أسباب نكارة الحديث المنكر


     أسباب نكارة الحديث المنكر

      ما هي أسباب نكارة الحديث المنكر؟ ما الذي يجعل المحدثين يقعون في مزلق رواية المنكر؟

    لم تسلم الروايات والأحاديث منذ صدورها من الدس والكذب والتزوير والإسرائيليات والضعف والتدليس والنكارة، وما يماثل ذلك، فكان لابد للمحدثين وأصحاب الاختصاص من التصدي لهذه الملوثات الحديثية، وغربلة الروايات والأخبار سندا ومتنا ، وانتقاء الحديث الصحيح من بينها.


    وقد تعرضنا في بحث سابق الى مفهوم الحديث المنكر وذكرنا تعريفات اللغويين والمحدثين له، وفي هذا البحث سنتطرق إلى أسباب ظهور هذا النوع من الحديث، وعلة نكارته، فثمة أسباب أصلية نابعة من عقيدة الراوي أو انحراف في سلوكه أو  جهل بطرق الحديث، وما أشبه ذلك، وثمة أسباب أخرى غير أصلية وطارئة على الراوي جعلت حديثه الذي يرويه منكرا وغير مقبول بمعيار أهل الحديث.

    وفيما يلي عرض لهذه الأسباب والعلل:


1)  الأسباب الأصلية :

أولا : أن يكون الراوي مخروم العدالة بفسق أو بدعة ( إن كان فحش غلطة أو كثرة غفلته أو ظهور فسقه فهو المنكر )([1]).


ثانيا: أن لا يكون الراوي صاحب حديث , كأن يكون من أهل العبادة والصلاح ولا يكون الحديث صناعته، قال الترمذي: ( وهؤلاء المشتغلون بالتعبد الذين يترك حديثهم على قسمين: منهم من شغلته العبادة عن الحفظ فكثر الوهم في حديثه فرفع الموقوف ووصل المرسل ...ومنهم من كان يتعمد الوضع ويتعبد بذلك )([2]) .


ثالثا: أن يكون الراوي سيء الحفظ , يقول الحافظ ابن حجر ( ثم سوء الحفظ وهو السبب العاشر من أسباب الطعن ، والمراد به : من لم يرجح جانب أصابته على خطئه ، وهو على قسمين : إن كان لازما للراوي من جميع حالاته فهو الشاذ على رأي بعض أهل الحديث ، أو كان سوء الحفظ طارئا على الراوي فهو المختلط )([3]).


رابعا: أن يكون الراوي كذابا وله صور متعددة منها : سرقة الحديث ووضع الحديث.

خامسا: أن يكون الراوي مجهولا، فان المجهول لا يخلو من أن يكون حديثا معروفا أو منكرا .

سادسا: أن يكون الراوي مدلسا ، فالتدليس يعد سببا من أسباب الوقوع في النكارة([4]).


2)  الأسباب الطارئة :

أولا : الاختلاط , وهو فساد العقل وهو آفة عقلية تورث فسادا في الإدراك تصيب الانسان في آخر عمره ، أو تعرض له بسبب حادث ما كفقد عزيز أو ضياع مال ، ومن تصيبه هذه الآفة لكبر سنه يقال له اختلط بآخره )([5]).


ثانيا: العمى , وهو سبب طارئ يحدث للرجل الذي لا يحفظ ويعتمد على كتبه في التحديث .

ثالثا : عدم الاعتناء بالكتب لمن اعتمدها في التحديث ولم يعتمد الحفظ , فان من المحدثين من لا يعير كتبه مطلقا ، قال الخطيب البغدادي :( ويجب على صاحب الكتاب أن يحتفظ بكتابه الذي سمع فيه ، فان خرج عن يده وعاد إليه ، فقد توقف بعض العلماء في جواز الحديث منه)([6]) , وقال ابن الجوزي ( ومنهم من ضاعت كتبه أو احترقت أو دفنها ثم حدث من حفظه فغلط، فهؤلاء تارة يرفعون المرسل وتارة يسندون الموقوف وتارة يقبلون الاسناد وتارة يدخلون حديثا في حديث )([7]) .


رابعا : الابتلاء بابن سوء أو ورّاق سوء أو جار سوء يدخل على الراوي ما ليس من حديثه , يقول ابن حيان ( ومنهم من امتحن بابن سوء أو ورّاق سوء كانوا يضعون له الحديث وقد أمن الشيخ ناصيتهم، فكانوا يقرؤون عليه ويقولون له هذا من حديثك فيحدّث به ، فالشيخ  في نفسه ثقة إلا انه لا يجوز الاحتجاج بأخباره ، ولا الرواية عنه لما خالط أخباره الصحيحة الأحاديث الموضوعة )([8]) ، وهذا ما يوقع الشيخ  في رواية المنكر, فإن كونه ثقة لم يشفع له .


    فهذه جملة من علل نكارة الحديث وأسباب نكارته، وقد تبيّن أنه من البديهي إسقاط الحديث المنكر وعدم اعتباره أو التعويل عليه.


    للاطلاع أكثر حول الحديث المنكر يمكنك الرجوع الى:

       أنواع الحديث المنكر

       مفهوم الحديث المنكر

       علاقة الحديث المنكر بغيره من مصطلحات الحديث 


د. نهضة الشريفي

 

الهوامش:

[1]) توجيه النظر- طاهر الجزائري 2/ 574

[2] ) شرح علل الترمذي ، ابن رجب الحنبلي : 1/ 387

[3] ) نزهة النظر , ابن حجر العسقلاني : 82

[4] ) ظ الحديث المنكر ، دراسة نظرية تطبيقية في العلل، رسالة ماجستير ، عبد السلام أبو سمحة : 101-  104 

[5] ) مقدمة تحقيق شرح علل الترمذي ، همام سعيد : 1/103

[6] ) الكفاية ، الخطيب البغدادي :270

[7] ) الموضوعات في الأحاديث المرفوعات ، ابن الجوزي : 1/ 15

[8] ) المجروحين ، ابن حيان : 1/77


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات