القائمة الرئيسية

الصفحات

مراتب الصبر ومصاديقه


مراتب الصبر ومصاديقه

الصبر لغةً:

    عرّف الراغب الأصفهاني الصبر في اللغة بأنه : الإمساك في ضيق ، يقال : صبرتُ الدابة : حبستُها بلا علف ، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع .

    وفي لسان العرب: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً، يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس، وصَبَرَه: أَحْلَفه يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه.

الصبر اصطلاحا:


    عرّف العلاّمة النراقي (قدس سره) الصبر بأنه: ثبات النفس وعدم اضطرابها في الشدائد والمصائب، بأن تقاوم معها، بحيث لا تخرجها عن سعة الصدر وما كانت عليه قبل ذلك من السرور والطمأنينة، فيحبس لسانه عن الشكوى، وأعضائه عن الحركات غير المتعارفة.  وهذا هو الصبر على المكروه، وضده الجزع.

    وفي كتاب التعريفات للجرجاني ان الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا إلى الله.
    وعن ابن قيم الجوزية قال: الصبر هو حبس النفس عن محارم الله، وحبسها على فرائضه، وحبسها عن التسخّط والشكاية لأقداره.

مصاديق الصبر:

    يدخل تحت الصبر عدة من الصفات والفضائل الخلقية الأخرى تكون من مصاديقها، ومنها :
·       الصبر في الحروب، وهو من أنواع الشجاعة، وضده الجبن .
·       الصبر في كظم الغيظ، وهو الحلم ، وضده الغضب.
·       الصبر على المشاق، كالعبادة، وضده الفسق، أي الخروج عن العبادات الشرعية.
·       الصبر على شهوة البطن والفرج ، وهي العفة، وضده الشره.
·       الصبر عن فضول العيش، وهو الزهد، وضده الحرص.

     ويظهر من ذلك أن أكثر أخلاق الإيمان داخل في الصبر. ولذلك لما سئل رسول الله (ص) عن الإيمان، قال: (هو الصبر، لأنه أكثر أعماله وأشرفها) .
  

باعث الدين وباعث الهوى:

    عرّف مطلق الصبر بأنه : ثبات (باعث الدين) في مقابلة (باعث الهوى) . 
    ومعنى باعث الدين : هو العقل النظري الهادي إلى طريق الخير والصلاح، والعقل العملي المنفذ لأحكامه المؤدية إلى الفوز والفلاح .
 
    أما باعث الهوى : فهو قوة الغرائز الخارجة عن طاعة العقل . 
    والقتال قائم بين الباعثين دائما، والحرب بينهما أبدا سجال ، وقلب العبد معركته .



الصبر في القرآن الكريم:                

    الصبر منزل من منازل السالكين، ومقام من مقامات الموحدين. وبه يسلك العبد سلك المقربين، ويصل إلى جوار رب العالمين. وقد أضاف الله تعالى أكثر الدرجات والخيرات إليه، وذكره في نيف وسبعين موضعا من القرآن .
  
    وصف الله تعالى الصابرين بأوصاف، فقال:
]وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا[ ]أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا[.
    فما من فضيلة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر، ولذا قال تعالى: ]إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب[ .

    ووعد الصابرين بأنه معهم، فقال: ]واصبروا أن الله مع الصابرين[ ، وعلق النصرة على الصبر، فقال: ]بلا أن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين[.

    وجمع للصابرين الصلوات والرحمة والهدى، فقال: ]أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون[ .

الصبر في السنة الشريفة:


    ورد في السنّة النبوية الشريفة:
-      (الصبر رأس الإيمان ، فلا إيمان لمن لا صبر له) .
-      (الجنة محفوفة بالمكاره فمن صبر عليها في الدنيا دخل الجنة) .
-      (الصبر في الأمور بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا فارق الرأس الجسد فسدَ الجسد ، وإذا فارق الصبر الأمور فسدت الأمور)
-      (علامة الصابر أنه لا يكسل ولا يضجر ولا يشكوا من ربه) .

مراتب الصبر :


1.   الصبر عند المصيبة , وهو حسن جميل .
2.   وأحسن منه , الصبر على الطاعة .
3.   وأحسن من ذلك ، الصبر عن المعصية والوقوف عند ما حرم الله عليك  .

جزاء الصبر:


    إن الله تعالى إذا أخذ من عبده نعمة قسراً فصبر أعطاه الله ثلاثاً لو أعطى واحدة منها ملائكته لرضوا، وذلك قوله تعالى:

]الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [ . فالاسترجاع دليل الصبر والتسليم ، والجزاء : الصلاة , والرحمة , والهداية .

الصبر والتصبّر:


    الصبر على المكروه ومشاق العبادات وعن ترك الشهوات، إن كان بيسر وسهولة فهو الصبر حقيقة، وإن كان بتكلف وتعب فهو التصبر مجازا. 

    وإذا أدام التقوى وقوّى التصديق بما في العاقبة من الحسنى، تيسّر الصبر ولم يكن له تعب ومشقة، كما قال الله سبحانه: ] فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى[ ومتى تيسر الصبر وصار ملكة راسخة أورث مقام الرضا، وإذا أدام مقام الرضا أورث مقام المحبة. وكما أن مقام المحبة أعلى من مقام الرضا، فكذلك مقام الرضا أعلى من مقام الصبر.

الدكتورة نهضة الشريفي

المصادر:
جامع السعادات – العلامة النراقي
المفردات في غريب القرآن – الراغب الاصفهاني
لسان العرب – ابن منظور
التعريفات – الجرجاني
الكافي – الكليني
بحار الأنوار – المجلسي


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات