القائمة الرئيسية

الصفحات



الصياغات القصصية



الصياغات القصصية

      شهد الأدب خلال مساره التطوري صياغات قصصية وأنواعاً أدبية متفاوتة من حيث المظهر الخارجي، ومن حيث الوظائف الداخلية لها، في آداب شرق الأرض وغربها، كالملحمة أو المسرحية، والقصيدة الغنائية، وفي القرون الأخيرة برزت أنواع قصصية أخرى. كالقصة القصيرة والرواية والمسرحية والنثرية([1]).

أنماط القصة: 

      تنشطر القصة إلى نمطين أثنين: القصة المألوفة التي تكتب, والقصة التي تمسرح (المسرحية).

      وينطوي النمط الأول على أشكال متنوعة من حيث الحجم ومن حيث المبادئ التي تحكم هذا الحجم، وهي:( الرواية- الرواية القصيرة – القصة القصيرة – الأقصوصة )([2]) .

      ومن أهم الأشكال القصصية وأبرزها وأكثرها شيوعاً في العصر الحديث, ضمن الوسط الفني والأدبي والاجتماعي : الرواية، والقصة القصيرة .

والغالب عند الباحثين فصل المسرحية عن الأشكال القصصية الأخرى، غير أن بعضهم يميل إلى إدراجها جميعاً ضمن مصطلح (الشكل القصصي).

وهذا الإدراج له مسوغاته حين نلحظ السمات المشتركة، فالمسرحية تعتمد الحوار أساساً من حيث المظهر الخارجي، والصراع من حيث المظهر الداخلي، والحيوية من حيث البنية العامة، أما الأشكال القصصية الأخرى فتعتمد السرد أو الحوار أو كليهما، إلا أن المسرحية ذاتها تتطلب السرد التمهيدي أيضاً مما يجعلها بشكل أو بآخر تأتلف مع الأنماط القصصية الأخرى([3]) ، فضلا عن عنصر الحيوية الذي تتزين به القصة الناجحة.
     
      وإذا كانت المسرحية لا تسمح بالاستطراد والتفصيلات بمثل ما تسمح به الرواية، فإن القصة القصيرة بطبيعتها لا تسمح بذلك بالقياس إلى الرواية([4])، وهذا يعني اقتراب آخر يستحق الإقرار بكون المسرحية أحد الأنماط القصصية.

ولو تتبعنا هذه الأنماط من التفاوت بين مستويات القصة شكلاً أو حجماً أو تطوراً، فإننا سنجد ( ثمة مبادىء مشتركة عامة تحكم جميع الفن القصصي سواء كان تقليدياً أو حديثاً وسواء كان نمطاً قصيراً كالحكاية أو نمطاً يتسم بالطول كالرواية، وفي مقدمة هذه المبادئ : الشكل القصصي ولغة هذا الشكل)([5]) .

فمن المعروف في ميدان القصة أن اللغة أو الشكل القصصي الذي تكتب به القصة إما أن يكون بضمير الغائب، وهذا هو الغالب في كتابة القصص, وإما أن يكون بضمير المتكلم حيث (يدَع الكاتب بطل القصة يتحدث عن نفسه ليخلق الشعور بالألفة والثقة)([6]) لدى القارئ، أو يعرض قصته لتتحدث مع القارئ بضمير المخاطب.

أنواع الصياغة القصصية:

ثمة أنواع من اللغة القصصية تنتسب إلى الحوار، والحوار هو الكلام الدائر بين طرفين أو أكثر، ويصاغ بطريقين:

v  فقد يكون حواراً خارجياً يحدث بين شخصين مثلاً.
v  أو يكون حواراً داخلياً يتحدث به الشخص مع نفسه فحسب، وهنا تكون صياغة لغته بضمير المتكلم([7]) .

وحينما نتناول الصياغة القصصية بشكل عام يمكن تسليط الضوء عليها من خلال زاوية انشطار القصة إلى نمطين من الصياغة:
·       السرد ، وهو أحد قطبي القصة.    
·       الحوار ، وهو قطبها الثاني.

أولاً : السرد  

      ويعني الاكتفاء بمجرد عرض الظاهرة، (وهو نمط لغوي يتصل بعملية الأخبار عن الشيء بواسطة منشىء القصة)([8])، وبتعبير أوضح (هو نقل الحادثة من صورتها الواقعية إلى صورة لغوية )([9]) .




طرائـــــق الســــــرد: 
    للسرد طرائق عدة منها:

1)  السرد الوصفي للشخصية أو الوصف المادي للبيئة أو الظاهرة.
2)  السرد الإخباري والمعلوماتي الصرف([10]) .
3)  السرد المباشر، ويتمثل في الطريقة الملحمية، وفيها يبدو الروائي مؤرخاً يروي حوادث عن مجموعة من البشر، وهذه الطريقة متبعة في أغلب الروايات، وهي أكثر الطرق شيوعاً.

4)  طريقة الترجمة الذاتية، وتعني أن يكتب القصة بضمير المتكلم، حيث يضع نفسه مكان البطل أو مكان إحدى الشخصيات الثانوية ليروي على لسانها ترجمة ذاتية متخيلة.

5)  الوثائق أو الرسائل المتبادلة، وفيها يكون الاعتماد على الرسائل أو المذكرات([11])، وربما يستطيع الكاتب أن (يجمع بين الطريقتين: الترجمة الذاتية، والرسائل والمذكرات)([12]) .

6)  طريقة تيار الشعور أو المونولوج الداخلي، تقوم هذه الطريقة على (عرض الناحية النفسية أو الفكرية من حياة البطل بدلاً من الناحية الخارجية وما يتصل بها من وقائع وأحداث)([13])، وتدعى أيضاً طريقة (تيار الوعي)، وتعتبر من أحدث التطورات في فن القصة، وما يزال الكتّاب حتى اليوم يلجأون إليها([14]) .

ثانياً: الحوار  

      الحوار(وسيلة تعبيرية مهمة في الأسلوب القصصي يستخدمها القاص في رسم شخصياته وتطوير أحداث قصته)([15]) ولكي يكون الحوار ناجحاً في القصة لابد من توافر شرطين فيه: 

(أولهما): أن يندمج الحوار في صلب القصة حتى لا يبدو للقارئ كأنه عنصر دخيل  عليها، وهذا يعني أنه يجب أن يحقق فائدة ملموسة في تطوير الحوادث ورسم الشخصيات والكشف عن مواقفها من الأحداث([16]) .

(وآخرهما): أن يكون الحوار طبيعياً سلساً رشيقاً مناسباً للشخصية والموقف، أي أنه(يجب أن يكون منسجماً مع المستوى الثقافي والاجتماعي للشخصية، ومنسجماً مع طبيعة الموقف الذي يقال فيه)([17]) .

      هذه التجربة القصصية بكل صياغاتها وأنماطها وأشكالها وأحجامها لابد فيها من صدق الكاتب لكي يصدق عليها مسمى القصة الناجحة، وليس ضرورياً أن يكون القاص قد مارس أحداثها بنفسه، بل يكفي أن يلحظها ويؤمن بها ويدرسها في واقع الحياة([18]) .
    وبعد...
    فإن لنا وقفة عند مقومات القصة القصيرة وبيان أوجه الالتقاء والافتراق بينها وبين الرواية.
     للاطلاع على التفاصيل اضغط هنا 


الدكتورة نهضة الشريفي


الهوامش:


([1]) ظ الإسلام والأدب، د. محمود البستاني: 237
([2]) في النقد الأدبي الحديث، د. فائق مصطفى :133
([3]) ظ الإسلام والأدب ، د. محمود البستاني : 242
([4]) ظ  م . ن :244
([5]) دراسات في علوم القرآن , د. محمود البستاني : 238
([6]) النقد الأدبي الحديث ، د.  محمد غنيمي هلال : 515
([7]) ظ دراسات في علوم القرآن ، د. محمود البستاني : 241
([8]) م . ن : 248
([9]) في النقد الأدبي الحديث ، د. فائق مصطفى: 138
([10]) ظ دراسات في علوم القرآن ، د. محمود البستاني : 250
([11]) ظ في النقد الأدبي الحديث ، د. فائق مصطفى : 139
([12]) فن القصة ، محمد يوسف نجم : 65
([13]) في النقد الأدبي الحديث ، د. فائق مصطفى : 140
([14]) ظ فن القصة ، محمد يوسف نجم : 65
([15]) في النقد الأدبي الحديث ، د. فائق مصطفى : 140
([16]) م . ن : 140
([17]) م . ن : 141
([18]) ظ النقد الأدبي الحديث: د.  محمد غنيمي هلال : 504

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات