القائمة الرئيسية

الصفحات



معجزة الإحياء في قصة البقرة



معجزة الإحياء في قصة البقرة

      عند التأمل في القرآن الكريم نلمس بوضوح شمولية العبرة والاعتبار في كل آياته الكريمة, بيد أنها تظهر بصورة جلية في القصص والأقاصيص التي يعرضها القرآن الكريم بين ثنايا السور المباركة, نمثل لذلك بقصة البقرة ومعجزة الإحياء .

تعدّد المعجزات في سورة البقرة :

    من الجدير بالذكر اشتمال سورة البقرة على العديد من الآيات المعجزة الخارقة للعادة لقصص تدور جلّ أحداثها حول بني إسرائيل، من نحو :


-      فلق البحر وإغراق آل فرعون [ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ].

-      أخذ الصاعقة بني إسرائيل وإحيائهم بعد الموت [ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ] .


-      تظليل الغمام وإنزال المنّ والسلوى عليهم [ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ] .


-      انفجار العيون من الحجر [ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ]

  
-      رفع الطور فوقهم [ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ ].


-      مسخ قوم منهم قردة [ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ] .


-      إحياء قوم بعد أن قال لهم الله موتوا في قوله تعالى ]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ...[([1])


-      إحياء الذي مر على قرية خاوية على عروشها, بعد إماتته مائة عام [ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] .


-       إحياء الطير المذبوح بيد إبراهيم(ع) [ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ] .


-      إحياء القتيل ببعض البقرة المذبوحة ـــ والتي نحن بصدد تسليط الضوء عليهاــــ

    وعلى العموم فإن أكثر الأمم الماضية قصةً في القرآن الكريم أمة بني إسرائيل، وأكثر الأنبياء ذكرا فيه موسى بن عمران(ع) , (فقد ذكر اسمه في القرآن في مائة و ستة و ثلاثين موضعا)([2]) .

قصة البقرة ومعجزة إحياء القتيل :


      وردت هذه القصة في سورة البقرة, من الآية السابعة والستين حتى الآية الثالثة والسبعين, ولم ترد في غير هذه السورة, قال تعالى :

[ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ{67} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ{68} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ{69} قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ{70} قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ{71} وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ{72} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{73} ] .


    حدثت هذه القصة في ( رجل من بنى إسرائيل عقيم، وله مال كثير، فقتله وارثهُ وجرّه، فقدمه على باب أناس آخرين، ثم اصبح يدّعيه عليهم, حتى تسلح هؤلاء وهؤلاء، وأرادوا أن يقتتلوا فقال ذووا النهى: أتقتتلون وفيكم نبي الله؟ فامسكوا حتى أتوه، فأمرهم أن يذبحوا بقرة، فيضربوه ببعضها, فقالوا: أتتخذنا هزوا؟ قال: أعوذ بالله أن اكون من الجاهلين, قال: فوجدوا البقرة عند رجل...وكان بارّا بأبيه, فعوضه الله عن ذلك وجازاه عن بره بأبيه، اذ باعها بملء جلدها ذهبا, فضربوا المقتول ببعضها. فتكلم, فقال: قتلني فلان، ثم عاد ميتا)([3]).

الدروس والعبر من قصة البقرة :

      بينّا فحوى القصة بإيجاز شديد, والذي نهدف إليه هو أن نستخلص منها دروسا وعبرا جمة, ونعتبر من الواقع الإسرائيلي المنحرف الذي شوه التاريخ ولطخه بدماء الأنبياء : 

1)    أسلوب القصة :

     إن أسلوب القصة ذو ترتيب فنّي يلفت الانتباه، حيث لم تبدأ أحداثها من البداية، وإنما (أخرج فصل منها من وسطها وقُدم أولا، ووضع صدر القصة وذيلها ثانيا, ثم ان الكلام كان مع بني إسرائيل في الآيات السابقة بنحو الخطاب فانتقل بالالتفات الى الغيبة حيث قال ]وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً[([4])  ثم التفت الى الخطاب ثانيا بقوله ] وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا([5])[ )([6])


       ولابد أن يكون لاستهلال القصة من وسطها مسوغ فني, فعلى الرغم من أن ظاهرة الإحياء هي الهدف الرئيس لها, إلا أنها جاءت في سياق عرض المواقف الإسرائيلية التي يطبعها التمرد, وعرض نعم الله عليهم, وكشف السلوك الملتوي لهم, والذهنية البليدة التي تترقع في طلباتها, وتتردد في تنفيذ ما عهد إليها, وتشكك في صدق ما أمرها به موسى(ع)([7])


      وبذا يفتضح أمرهم بين قبائل العرب لاسيما القاطنين معهم في المدينة, وتنكسر شوكتهم ويبطل ادعائهم بأنهم الأفضل دائما لأن منهم الأنبياء, ولن تمسهم النار إلا أياما معدودة !! [وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ] , وفي المقابل يرتفع شأن المسلمين ويهيمن الإسلام بهيبته وعنفوانه على بيداء الجزيرة, ويتخذ سلوك بني إسرائيل على مرّ التاريخ بمثابة عبرة لعرب الجزيرة  .



2)    نفسية القوم :

       العبارات التي وردت على لسان بني إسرائيل في هذه القصة توضح ان هؤلاء القوم قد بلغوا الذروة في إهانة النبي(ع), بل وبلغت بهم الجرأة الى إساءة الأدب تجاه رب العالمين, إذ لما سمعوا قول نبيهم: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة, تعجبوا من ذلك ولم يحملوه إلا على إن نبي الله موسى(ع) يستهزئ بهم لعدم وجود رابطة عندهم بين ذبح البقرة وما يسألونه من فصل الخصومة ومعرفة القاتل, قالوا :

   أتتخذنا هزوا وسخرية ؟ (وإنما قالوا ذلك لفقدهم روح الإطاعة والسمع، واستقرار ملكة الاستكبار والعتو فيهم، فزعموا أن نبيهم مثلهم يتهوس كتهوسهم، ويلعب كلعبهم، فرموه بالاستهزاء والسفه والجهالة, حتى رد عليهم وقال: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين)([8]) .


      وبعد هذه الآيات البينات، لم تلن قلوب بني إسرائيل، بل بقيت على قسوتها وغلظتها وجفافها, فهي أشد قسوة من الحجارة، لأن بعض الحجارة تتفجر منها الأنهار أو تنبع منها المياه أو تسقط من خوف الله, لكن قلوب بني إسرائيل لا تنفجر منها عاطفة ولا علم، ولا تنبع منها قطرة حبّ، ولا تخفق من خوف الله جل وعلا , وهذا المنطق ينطبق على عتاة قريش ومستكبريها . 
        

3)     تشبيه كفار العرب ببني إسرائيل :

       إن بني إسرائيل هم أكثر الأمم لجاجا وخصاما، وأبعدهم من الانقياد للحق، وعلى هذه الصفة كان كفار العرب الذين ابتلى بهم رسول الله (ع) , فلا ترى رذيلة من رذائل بني إسرائيل في قسوتهم وجفوتهم مما ذكره القرآن إلا وهو موجود فيهم، فكان بنو إسرائيل قوما غائرين في المادة منكبين على ما يعطيه الحس من لذائذ الحياة الصورية، ولا يؤمنون بما وراء الحس، ولا ينقادون إلا إلى اللذة والكمال المادي، وهم اليوم كذلك([9]).


4)      لا يعرفون نبيهم :


      ثمة قرائن في القصة توضح أن هؤلاء القوم لم تكن لهم معرفة كاملة بالله ولا بالنبي المرسل إليهم، فقد قالوا له بعد كل أسئلتهم]اَلآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ([10])[ وكأنّ ما جاء به حتى ذلك الوقت كان باطلا!! وجاء في التفسير (انظر الى قولهم أخيرا بعد تمام البيان الإلهي:الآن جئت بالحق، الدال على نفي الحق عن البيانات السابقة المستلزم لنسبة الباطل إلى طرز البيان الإلهي والتبليغ النبوي)([11]).


5)    الطمع :


       من الممكن أن تشير القصة إلى حقيقة مفادها: إن كل المفاسد والجرائم مصدرها في الغالب أمران: الطمع في المال، والطمع في الجنس , حيث ورد في بعض الروايات أن سبب القتل هو من أجل الظفر ببنت المقتول فضلا عن المال والإرث([12]) .


6)    قدرة الله تعالى :


      هذه القصة فيها إشارة إلى مسألة المعاد، ولها دلالات على قدرة الله اللامتناهية، ولذلك وردت في الآية التي تلي القصة مباشرة عبارة متممة للفكرة الرئيسة ]كَذَلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى[([13]) إشارة إلى مسألة المعاد، وعبارة ]وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ[([14]) تأكيد على قدرة الله وعظمته, وتتحدث أيضا عن سنّة من سنن الله تعالى، وهي أن الاُمّة تستوجب غضب الله حين تصرّ على عنادها ولجاجها واستهتارها بكل شيء([15]), وهو إنذار موجه الى عرب الجاهلية على وجه الخصوص, وهو أيضا رسالة موجهة عبر الأزمان الى الأجيال الأخرى .


7)     فتنة السامري :


      الظاهر ان بني اسرائيل لم يكونوا قد برئوا بعد من فتنة السامري, ولعل (انتخاب البقرة للذبح يستهدف غسل أدمغة هؤلاء القوم من فكرة عبادة العجل)([16]) والتوجه الى عبادة الله تعالى, ونراهم في مواضع عديدة من هذه القصة يخاطبون نبيهم بعبارة ]ادْعُ لَنَا رَبَّكَ[وكأن ربّ موسى غير ربّهم، مع أن موسى(ع) كان قد قال لهم:]إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ[, وبلجاجهم في معرفة تفاصيل أوصاف البقرة عقّدوا الأمر على أنفسهم, فقد جاء عن رسول الله(ع) أنهم(( إنما أمروا بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم؛ وإيم الله لو أنهم لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد))([17]) أي انهم لو لم يقولوا إن شاء الله لما اهتدوا الى البقرة الموصوفة .


8)    برّ الوالدين :


      البر بالولدين يؤدي الى التوفيق الإلهي, وهذا من معطيات قصتنا هذه التي تحمل سمة أخلاقية على درجة عالية من الأهمية في تقويم السلوك وتنظيمه مع الوالدين بالخصوص, حيث يذكر المفسرون أن البقرة كانت مُلكاً لشاب صالح على غاية البّر بوالده, هذا الرجل واتته سابقاً فرصة صفقة مربحة، كان عليه أن يدفع فيها الثمن نقداً, وكانت النقود في صندوق مغلق مفتاحه تحت وسادة والده, فأبى إيقاظه وإزعاجه, وفوّت على نفسه ربح مادي عظيم . 

    ففي رواية للعياشي أنه قال:( قال الرضا(ع): قال لرسول الله(ص) بعض أصحابه: هذه البقرة ما شأنها ؟ فقال: إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه، وإنه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه فوجده نائما والإقليد تحت رأسه، فكره أن يوقظه، فترك ذلك، واستيقظ أبوه فأخبره، فقال له: أحسنت، خذ هذه البقرة فهي لك عوض ما فاتك، قال: فقال رسول الله (ص): انظروا إلى البر ما بلغ بأهله)([18]) .

     
      بعد هذه الوقفة عند قصة الإحياء المعجز للبقرة يمكننا تلمّس تأثيرها الكبير على الوجدان, وعلى الإدراك العقلي للبشر, وعلى هذا لا ينبغي أن نحددها ضمن إطار المكان والزمان, فكما أثّرت في أهل المدينة وألقت الحجة عليهم ــــ وهي قصة مدنيّة ــــ  كذلك أثّرت في أهل مكة والقبائل الأخرى, بل والأمم الأخرى, بل والأزمان الأخرى .



الدكتورة نهضة الشريفي  
    

الهوامش :

(1)   سورة البقرة : 243
(2)   الميزان : 1/ 201
(3)    التبيان ، الطوسي : 1/ 301
(4)    سورة البقرة : 67
(5)    سورة البقرة : 72
(6)    الميزان , الطباطبائي: 1/ 198
(7)    ظ دراسات فنية في قصص القرآن, محمود البستاني : 25
(8)    الميزان , الطباطبائي: 1/ 199
(9)    ظ الأمثل , ناصر مكارم الشيرازي : 1/ 267
(10)                 سورة البقرة : 71
(11)                 الميزان , الطباطبائي : 1/ 113
(12)                 ظ الكشف والبيان ، الثعلبي : 1/ 156
(13)                 سورة البقرة : 73
(14)                 سورة البقرة : 73
(15)                 ظ الأمثل , ناصر مكارم الشيرازي : 1/ 270
(16)                 م . ن : 1/ 270
(17)                 تفسير القرآن العظيم , ابن كثير : 1/ 258
(18)                 كنز الدقائق , محمد بن محمد رضا المشهدي: 1/ 285

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات