القائمة الرئيسية

الصفحات

     

الولادة الأولى للقصة

      

الولادة الأولى للقصة

       كيف بدأت الأساطير تتدخل في ثنايا حياة الإنسان وتغير مساراتها؟ ومتى كانت الولادة الأولى للقصة؟ ما هي البدايات القصصية في حياة البشرية؟

البدايات الأسطورية:

    ابتدأ الإنسان يمد أول خطوة من خطاه على وجه البسيطة إلى طريق الأساطير، والأسطورة هي القصة الخرافية التي ابتدعها هذا الإنسان البدائي، وصاغها على وفق هواه وحسب ما أوحى به خياله من صور ومرئيات.

لقد كان يخرج ليجمع الغذاء من الغابة أو ليطارد الصيد عند منابع الماء، وذلك قبل عصر الرعي والزراعة، فكان يختزن كل مشاهداته من الطبيعة، والأصوات التي كان يسمعها خلال رحلاته الخطيرة والمثيرة ليقدمها إلى أهله وعشيرته، فيؤدي دور الراوي أو القصاص([1])، مضيفاً على مغامراته ألواناً من الخيالات والأوهام، (فكان يرى في الصخرة المنحدرة من قمة الجبل ندّاً له، وآدمياً مثله، والريح الهوجاء روحاً شريرة غير منظورة)([2]).

تطور الأساطير:

     تطورت تلك الأسطورة مع هذا الإنسان تبعاً لتطور الحياة فاستطاع أن يخرج من نطاق الخرافة والأسطورة بعض الشيء، (ويتلاقى قليلاً مع واقع الحياة الجدية مسيطراً على تصوراته ومعاناته فظل يعيش مع هواجسه ومخاوفه ويطوف في أعماق نفسه محاولاً التفّلت من الكبت والقهر والفكاك من الضياع والأسر منطلقاً في طريق الخلاص وراء أبطاله الذين ابتدعهم وصنعهم وحركهم في الملاحم)([3]) .

هكذا ابتدأت القصة بالأساطير, حيث كانت تروي تخيلات الإنسان عن الآلهة والعالم، وعن علاقة الفرد بالمجتمع والطبيعة وما وراء الطبيعة من عالم الميتافيزيقيا والمغيبات([4]).

وقد كانت هذه الأخبار التي حملتها القصص الأولى في حياة الإنسان (هي في كتاب حياته أبجدية معرفته الأولى، وهي مسجلاته الصوتية والمصورة التي بدأ يجمعها في واعيته وذاكرته ، وفي كلمته وإشارته)([5]) .

       لقد كانت القصة وتصوراتها وموحياتها بمثابة الدفعة القوية التي اطلقت جميع القوى الكامنة في الإنسان، وأسعفتها اللغة التي كانت وسيلته التعبيرية الرئيسة عما يجيش في صدره من انفعالات ومعاناة وخيالات، وما يكمن في فكره من قدرات وابتكارات.

د. نهضة الشريفي

الهوامش: 


([1]) ظ قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح، أحمد موسى سالم: 34

([2]) بحوث في قصص القرآن، عبد الحافظ عبد ربه: 24

([3]) م . ن : 25

([4]) ظ م . ن : 25

([5]) قصص القرآن في مواجهة أدب الرواية والمسرح: 33

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات