مصطلــــح المســـــتشــرق
أولا: تحديد مصطلح المستشرق
قال مالك بن نبي (اننا نعني بالمستشرقين
الكتّاب الغربيين الذين يكتبون عن الفكر الإسلامي وعن الحضارة الإسلامية)([1]),
وعندما شرع في بحثه صنّفهم على صنفين, أو طبقتين([2])
:


ويرى المفكر إدوارد سعيد أن أيسر الدلالات
وأكثرها تقبلا لمصطلح "المستشرق" هي (انه مبحث أكاديمي...فالمستشرق كل
من يعمل بالتدريس أو الكتابة أو إجراء البحوث في موضوعات خاصة بالشرق سواء كان ذلك
في مجال الأنثروبولوجيا, أي علم الإنسان, أو علم الاجتماع, أو التاريخ, أو فقه
اللغة, وسواء أكان ذلك يتصل بجوانب الشرق العامة أو الخاصة, والاستشراق إذن وصف
لهذا العمل)([3])
.
ثانيا: قول آخر في معنى المستشرق
هذه الأقوال التي ذكرناها لم تكن هي السائدة
فحسب, فقد رأى أخرون خلاف ذلك, ومنحوا مصطلح الاستشراق سمة تتجاوز الغرب كما هو
معهود, ومنهم الدكتور محمد حسين الصغير, إذ يقول:
(تخطى مصطلح الاستشراق الغربيين وتجاوزهم الى المستعربين بعامة, ممن لم يعتنقوا الإسلام دينا, ولم ينطقوا بالعربية لغة, وكان من شأنهم أن بحثوا في تراث الشرق لغة وأدبا وإن كانوا شرقيين, فشملهم هذا التعبير وغمرهم هذا المصطلح, فعادوا مستشرقين)([4]) .
(تخطى مصطلح الاستشراق الغربيين وتجاوزهم الى المستعربين بعامة, ممن لم يعتنقوا الإسلام دينا, ولم ينطقوا بالعربية لغة, وكان من شأنهم أن بحثوا في تراث الشرق لغة وأدبا وإن كانوا شرقيين, فشملهم هذا التعبير وغمرهم هذا المصطلح, فعادوا مستشرقين)([4]) .
ثالثا: الاستشراق بالمعنى الأعم
إن المعنى الأعم والأشمل للاستشراق عند ادوارد
سعيد يتمثل في نمط التفكير, (فالاستشراق أسلوب تفكير يقوم على التمييز الوجودي بين
ما يسمى الشرق, وبين ما يسمى في معظم الأحيان الغرب)([5]) .
وعلى العموم فالمستشرق في نظر بعض الباحثين
(هو كل من تجرّد من أهل الغرب لدراسة لغة الشرق وكتب عن الفكر الإسلامي والحضارة
الإسلامية*)([6]) .
رابعا: الاستشراق والأيديولوجية
من غير الممكن تبرئة الاستشراق من شراك
الأيديولوجية؛ فالأول يمثل علاقة عقلٍ حضاري ذي رُقيّ بموضوع خام - هو الشرق –
محتاج الى فهم وبناء, (يرافق تلك العلاقة شعور حاد بالاستعلاء والتفوّق, وينبثق
هذا التفوّق الاستعلائي من شعور آخر سابق هو الشعور بالذات الفاعلة أمام موضوع
منفعل, فمهما تضمن هذا الموضوع المنفعل من محتوى ثقافي وفكري ومادي, فهو ما دام
منفعلا يبقى سلبيا)([7]).
وما دامت هذه الصورة الاستعلائية المتكبرة
الجامدة بمنأىً عن المرونة والحراك والتحول، تبقى هذه النظرة الدونية للشرق معشعشة
في رؤوسهم لا تتزحزح، بل تتحول إلى ثوابت ومسلمات.
وسنقف
عند جملة من الأساليب التي مارسها المستشرقون في الدراسات القرآنية، والإشكاليات والشبهات التي أطلقها، في بحث لاحق. اضغط هنا
الدكتورة نهضة الشريفي
الهوامش:
* الفيلسوف المستشرق توما الأكويني (1224 – 1274م) من
مدينة أكويني الواقعة بين روما ومونت كاسينو، كان متأثرا بآراء أرسطو وأفكاره فى
علم المنطق، تلك الأفكار كانت مدخله إلى دراسة الكتاب المقدس, ومن آثاره: خلاصة
المذهب الكاثوليكي ضد الوثنيين, وتفاسير لما بعد الطبيعة, ووحدة العقل, وأزلية
العالم . ينظر: المستشرقون, نجيب العقيقي, ط3 , دار المعارف – مصر – 1964م : 1/
128
** اجنتس جولدتسيهر
مستشرق مجري يهودي الأصل (1850- 1921م) , بدأ نتاجه الاستشراقي وهو دون العشرين من
عمره , اشتهر بغزارة بحوثه ومؤلفاته التي أربت على بضع مئات , ومن أهمها: "العقيدة
والشريعة في الإسلام" و " مذاهب المسلمين في تفسير القرآن" . ينظر: العقيدة والشريعة في الإسلام , جولد تسيهر :
5 مقدمة المترجم .
* ما ينطبق على اللغة ينطبق بالضرورة على الموضوعات الأخرى
, كتاريخ الشرق , جغرافيته , علومه , معارفه , فكره , حضارته...
تعليقات
إرسال تعليق