نبذة عن حياة الإمام أبو حامد الغزالي
وسيرته العلمية
المحتويات:
ـ لقبه ونسبه
ـ ولادته ونشأته
ـ شيوخه
ـ تلاميذه
ـ أسفاره ورحلاته
ـ وفاته
ـ
آثاره العلمية
أولا: لقبه و نسبه
هو
أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي الطوسي النيسابوري، يُكنّى بأبي
حامد لولد له مات صغيراً([1]) .
ويُعرَف بـ "الغزّالي" نسبة إلى صناعة
الغزل([2])، حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة، ويُنسب أيضاً إلى
"الغَزَالي" نسبة إلى بلدة غزالة وهي قرية في طوس. كما يُعرف
بـ"الطوسي" نسبة إلى بلدة طوس الموجودة في خراسان، وتعرف الآن باسم
مدينة مشهد في إيران التي تشرفت أرضها بضمها الضريح المقدس للإمام الرضا(ع).
وقد اختلف الباحثون في أصل الغزالي أعربي
أم فارسي، فهناك من ذهب على أنه من سلالة العرب الذين دخلوا بلاد فارس منذ بداية
الفتح الإسلامي، ومن الباحثين من ذهب إلى أنه من أصل فارسي([3]).
ثانيا: ولادته ونشأته
ولد
الغزّالي عام 450هـ الموافق 1058م في "الطابران" من قصبة طوس، وهي أحد
قسمي طوس، وقيل بأنّه وُلد عام 451 هـ الموافق 1059م ([4]).
وقد
كانت أسرته فقيرة الحال، إذ كان أباه يعمل في غزل الصوف وبيعه في طوس، ولم يكن له
أبناء غيرَ أبي حامد، وأخيه أحمد والذي كان يصغره سنّاً([5]).
كان أبوه مائلاً للصوفية، لا يأكل إلا من كسب
يده، وكان يحضر مجالس الفقهاء ويجالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق بما أمكنه
إنفاقه، وكان كثيراً يدعو الله أن يرزقه ابنا ويجعله فقيهاً، فكان ابنه أبو حامد،
وكان ابنه أحمد واعظاً مؤثراً في الناس. ولما قربت وفاة أبيهما، وصّى بهما إلى
صديق له متصوّف، فلما مات أقبل الصوفيّ على تعليمهما حتى نفد ما خلّفهما لهما
أبوهما من الأموال، ولم يستطع الصوفيّ الإنفاق عليهما، فنصحهما ان يلجآ الى مدرسة
ويكونا من طلبة الْعلم فَيحصل لَهمَا قوت يعينهما، ففعلا ذلك وكان هو السبب في
علو درجتهما([6]) .
ثالثا: شيوخه
1- إمام الحرمين الجويني أبو المعالي عبد الملك بن
عبد الله بن يوسف الجويني ت ( 478هـ ) نسبة إلى جوين بنواحي نيسابور، أحد كبار فقهاء
الشافعية، ومجدد المذهب الأشعري مضموناً ومنهجاً([7]) .
2- أحمد
بن محمد الطوسي الراذكاني: وهو أول مشايخ الغزالي في الفقه، تفقه عليه في طوس قبل رحلته
إلى إمام الحرمين([8]) .
3- أبو علي الفضل بن محمد بن علي الفارمذي من أهل
طوس، وفارمذ إحدى قراها، شيخ خراسان في عصره , توفي بطوس سنة 477هـ ([9]) .
4- أبو سهل محمد بن أحمد بن عبيد الله المروزي الحفصي
راوي صحيح البخاري عن الكشميهني، توفي سنة 465هـ([10]) .
6- أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل بن أبي
بكر الإسماعيلي الجرجاني من أهل بيت علم وفضل
ورياسة بجرجان، توفي بجرجان سنة 477هـ([12]) .
7- أبو الفتيان الرؤاسي عمر بن عبد الكريم بن سعدويه
الدهستاني، حافظ محدث، جامع مصنف، توفي بسرخس سنة 503هـ([13]) .
رابعا: تلاميذه
كانت مدرسة الغزالي تضم عشرات التلاميذ المتميزين،
وقد أثّر الغزالي تأثيراً كبيراً في جمهور تلاميذه، ذكر الزبيدي جملة منهم([14]) :
1.
أبو النصر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الخمقدي، توفي سنة 544 هـ، وتفقّه
في طوس على الغزالي.
2.
أبو منصور محمد بن إسماعيل بن الحسين العطاري، الواعظ في طوس والملقّب بـ
“جندة”، توفي 486 هـ، وتفقّه في طوس على الغزالي.
3.
أبو الفتح أحمد بن علي بن محمد بن برهان ، وكان حنبلياً، ثم تفقّه على الغزالي،
وأصبح يدرّس في المدرسة النظامية علوم شتى، ودرّس إحياء علوم الدين للطلاب، توفي
518 هـ .
4.
أبو سعيد محمد بن أسعد التوقاني، توفي 554 هـ.
5.
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن تومرت المصمودي، الملقّب بـ “المهدي”.
6.
أبو حامد محمد بن عبد الملك الجوزقاني الإسفراييني، تفقّه على الغزالي في
بغداد.
7.
محمد بن يحيى بن منصور، وهو من أشهر تلامذته، تفقه على الغزالي، وشرح كتابه
الوسيط.
8.
أبو بكر بن العربي، القاضي المالكي، وهو من حمل كتابه إحياء علوم الدين إلى
المغرب العربي عند عودته من رحلته المشرقية عام 495 هـ .
خامسا: أسفاره ورحلاته
بعد
وفاة شيخه وأستاذه الجويني خرج الغزالي إلى المعسكر قاصداً الوزير نظام الملك، إذ كان
مجلسه مجمع أهل العلم، فناظر الأئمة في مجلسه وقهر الخصوم وظهر عليهم، فاعترفوا بفضله
وتلقاه الصاحب بالتعظيم، وولّاه تدريس مدرسته ببغداد فقدِم بغداد سنة 484 ودرس بالنظامية
فأعجب الخلقَ علمُه وكماله وفضله([15]).
وفي
بغداد انصرف الغزالي إلى دراسة الفلسفة دراسة عميقة، فطالع كتب الفارابي وابن سينا بصورة خاصة،
وألّف على إثر ذلك كتابه (مقاصد الفلاسفة) ، الذي يدل على اطّلاعه وسعة علمه بالفلسفة
ثم صنف بعد ذلك كتابه (تهافت الفلاسفة) فأبطل مذاهبهم. وصنف في هذه الفترة أيضاً كتباً
في شتى الفنون، فصنف في الأصول والفقه والخلاف , فذاع صيته وعلا شأنه وبزَّ الأقران
وصار مطمع طلاب العلم([16]).
خاض الغزالي في علوم الفلسفة والباطنية، ثم عَكَف على قراءة ودراسة علوم الصوفية،
وصحب الشيخ الفضل بن محمد الفارمذي ـــ الذي كان مقصداً للصوفية في عصره في نيسابور
فتأثر بذلك، ولاحظ على نفسه بعده عن حقيقة الإخلاص لله وعن العلوم الحقيقية النافعة
في طريق الآخرة، وشعر أن تدريسه في النظامية مليء بحب الشهرة والعُجُب والمفاسد.
عند
ذلك عقد العزم على الخروج من بغداد متوجها الى دمشق , فكان خروجه في ذي القعدة سنة
488 هـ ، بعد أن استناب أخاه في التدريس([17]) .
دخل
دمشق سنة 489هـ، فأقام بها أياماً، ومن ثم توجه إلى بيت المقدس فجاور به مدة، ثم عاد
إلى دمشق واعتكف بالمنارة الغربية من الجامع، وبها كانت إقامته، فقام بالشام مدة
سنتين تقريبا ، وهو معتكف على العبادة، وألف في هذه المرحلة (إحياء علوم الدين ) و(الأربعين
في أصول الدين) , ثم رحل الى بيت المقدس يدخل كل يوم الصخرة ويغلق بابها على نفسه([18]) .
وما
لبث أن سافر إلى مكة والمدينة المنورة لأداء فريضة الحج، ثم عاد إلى بغداد، بعد أن
قضى إحدى عشرة سنة في رحلته، وقد استقر أمره على الصوفية([19]).
ولم
يدم طويلاً حتى أكمل رحلته إلى نيسابور ومن ثمّ إلى بلده طوس، وهناك لم يلبث أن استجاب
إلى رأي الوزير فخْر المُلك للتدريس في نظامية نيسابور مكرهاً، فدرّس فيها مدة قليلة،
وما لبث أن قُتل فخر الملك على يد الباطنية، فرحل الغزالي مرة أخرى إلى بلده طابران
في طوس، وسكن فيها، متخذاً بجوار بيته مدرسة للفقهاء تدعى (الخانقاه) أنشأها ليدرس
بها العلوم الدينية ومكان للتعبّد والعزلة
للصوفية([20]) .
سادسا: وفاته
بعد أن عاد الغزّالي إلى طوس، لبث فيها بضع سنين،
وفي أواخر أيامه وزّع أوقاته على وظائف من ختم القرآن ومجالسة الصوفية والتدريس لطلبة
العلم وإدامة الصلاة والصيام وسائر العِبَادات بحيث لا تخلو لحظة من لحظاته ولحظات
من معه عن فائدة([21]) .
وما لبث أن تُوفي يوم الاثنين 14 جمادى الآخرة
505 هـ، الموافق 19 ديسمبر 1111م، في الطابران في مدينة طوس عن عمر بلغ خمسا وخمسين
عاما، ([22]) .
وروي عن أخيه أحمد الغزالي انه ( لما كان يوم الاثنين وقت الصبح توضأ أخي أبو
حامد وصلّى، وقال: "عليّ بالكفن"، فأخذه وقبّله، ووضعه على عينيه وقال:
"سمعاً وطاعة للدخول على الملك"، ثم مدّ رجليه واستقبل القبلة ومات قبل الإسفار)([23]).
وقد سأله قبيل الموت بعض أصحابه:، فقالوا له:
أوصِ. فقال: «عليك بالإخلاص» فلم يزل يكررها حتى مات([24]) .
سابعا: آثاره العلمية
كثرت تأليفات الغزّالي خلال مدة حياته البالغة خمس وخمسين سنة في مختلف صنوف
العلم، حتى قيل إن تصانيفه لو وزعت على أيام عمره أصاب كل يوم كتاب وبسبب شهرة الغزالي
وتصانيفه، نُسبت إليه الكثير من الكتب والرسائل، وأصبح من الصعب تحديد صحة نسبتها إليه.
فقد ذكر المتقدمون كثيرا من تصانيف الغزالي، واعتمد الباحثون على هذه المصادر في تحديد
مصنفات الغزالي، إذ ترك تراثا صوفيا وفقهيا وفلسفيا كبيرا، بلغ 457 مصنفا ما بين كتاب
ورسالة، كثير منها لا يزال مخطوطا، ومعظمها مفقود، ومن كتبه:
• (إحياء علوم الدين) أربع مجلدات
• (تهافت الفلاسفة)
• (الاقتصاد في الاعتقاد)
• (محك النظر)
• (معارج القدس في أحوال النفس)
• (الفرق بين الصالح وغير الصالح)
• (مقاصد الفلاسفة)
• (المضنون به على غير أهله) وفي نسبته إليه كلام
• (الوقف والابتداء) في التفسير
• (البسيط) في الفقه
• (المعارف العقلية)
• (المنقذ من الضلال)
• (بداية الهداية)
• (جواهر القرآن)
• (فضائح الباطنية) قسم منه، ويعرف بالمستظهري، وبفضائح
المعتزلة.
• (التبر المسبوك في نصيحة الملوك) كتبه بالفارسية،
وترجم إلى العربية
• (الولدية) رسالة أكثر فيها من قوله: أيها الولد
• (منهاج العابدين) قيل: هو آخر تآليفه
• (إلجام العوام عن علم الكلام)
• (الطير) رسالة
• (الدرة الفاخرة في كشف علوم الآخرة)
• (شفاء العليل) في أصول الفقه
• (المستصفى من علم الأصول) مجلدان
• (المنخول من علم الأصول)
• (الوجيز) في فروع الشافعية
• (ياقوت التأويل في تفسير التنزيل) كبير، قيل: في
نحو أربعين مجلدا
• (أسرار الحج)
• (الإملاء عن إشكالات الإحياء)
• (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة)
• (عقيدة أهل السنة)
• (ميزان العمل)
الدكتورة نهضة الشريفي
الهوامش:
تعليقات
إرسال تعليق