القائمة الرئيسية

الصفحات



عنصر الشخصيــــات في القصة القرآنية


عنصر الشخصيــــات في القصة القرآنية

تنوع عنصر الشخصيــــات في القصة القرآنية تبعا لعوامل كثيرة

    يمثل عنصر الشخصيات الحركة الحية في القصة, فلا قيمة للأحداث والبيئات إلا بقدر وجود الحركة الإنسانية ــــ أو غير الإنسانية ــــ عليها([1]), ويظل عرض الشخصية في القصة القرآنية خاضعا للسياق الذي يفرض نمطا من دون آخر ، فثمة مواقف تستدعي عدم التدخل أساسا ، وثمة مواقف تستدعي التدخل الكلي أو الجزئي.

    وقد يتم تعريف الشخصية والإعلان عنها من خلال نعوتها لا أسمائها الأعلام, فالقرآن الكريم يذكر من الأسماء ما تدعو إليه حاجة القصة فحسب, وبما يحقق وحدة الحركة بين الشخصيات والأعمال التي تصدر عنها, في منتهى الحكمة وغاية الدقة؛ حتى تترك أثرها في نفس المتلقي, وتلتصق بشعوره وخواطره, وهو في ذلك يختلف عن القصص الأدبي, الذي يصطنعه القصاصون ويصبون عليه أخيلتهم, ويطلونه بالطلاء الذي يريدون ويشتهون, ويحرصون أيما حرص على انتقاء أسماء رنانة للشخصيات, سواء استدعى الموقف واقتضت الحكمة أم لا, وهذا من أولويات مقومات الشخصية في قصصهم التي لا تتعدى نطاق العقل البشري القاصر.

    وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من أسماء الأنبياء, منها قوله تعالى]كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ[([2])]كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ[([3])كما ذكر أسماء أعداء الأنبياء ممن تحدّوا دعوة السماء, وحادّوا الله ورسوله, كقوله تعالى]وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءهُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ[([4]) ، أما الشخصيات التي ورد تعريفها ببعض نعوتها فمن نماذجها وصف صاحب موسى(ع) بقوله تعالى ]فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً[([5]) .

    تتباين شخصيات القصص القرآنية في أنماطها وأدوارها, وتتنوع تبعا لحيثيات متعددة ، نذكر منها :

الحيثية الأولى: تعدد الأبطال   

    المعروف في القصة البشرية انها تخضع لعدد نسبي من الأبطال، فمثلا ان القصة القصيرة ينتظمها عدد محدود من الشخصيات يتناسب وحجم القصة ومواقفها البسيطة المفردة، في حين ان الرواية يتسع عدد أبطالها ويتنوعون تبعا لما تتطلبه الرؤية القصصية وما تحتاجه لإيضاح فكرتها، اما في القصة القرآنية فإن الإحكام العددي للأبطال يأخذ أقصى ما نتوقعه من تحديد لهم ، ويبقى للسياق القول الفصل في تحديد عدد الأشخاص وأنماطهم .
    فلو وقفنا عند أول قصة قرآنية وهي قصة آدم(ع) لوجدنا انها تتضمن أربعة أبطال فحسب, وهي: آدم(ع)، الملائكة، إبليس، وحواء, في هاتين الآيتين الكريمتين]وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ[([6]) .
 
    إن هذا العدد أدنى ما يتطلبه الموقف الذي تستهدفه القصة القرآنية، وهو: لفت النظر للتجربة البشرية العبادية التي خلق الإنسان من أجلها، فلا مناص من رسم شخصية آدم(ع) في القصة ما دام الأمر متصلا بكونه أبا للبشرية، وحواء أيضا بصفتها تجسيدا للاتحاد بين كائنين يتوقف عليهما استمرار التناسل البشري .

    أما العنصر الملائكي فقد كان رسمه ضروريا أيضا ما دام الموقف مرتبطا بأول تجربة على الأرض حيث ان الملائكةــــ وهي شخصية جماعيةــــ تمتلك علما بما يستتبع هذه التجربة الأرضية من سفك دم وسواه، بيد انها لا تخبر الصراع بين الخير والشر, نقيض البشر الذين رُكّبوا من عقل وشهوة، فهي مع إدراكها لهذا المعنى تتساءل عن السر الكامن وراء التجربة البشرية التي واكبها سفك الدماء والفساد([7]).  إذن كان عدد الأبطال مرسوما بدقة متناهية تستهدفه القصة من تجربة الخلافة الأرضية وملابساتها.

الحيثية الثانية : التنوع في الأبطال    

    تزخر القصص القرآنية بشخصيات متنوعة من حيث الجنس كالإنس والجن والحيوان وغيرها، تجلت في مواقف أو حوادث لها مسوغاتها الدلالية والجمالية، ومن هذه الشخصيات:

أولا :  الطيور والحشرات

    ومن أمثلة ذلك ما ورد على لسان الهدهد من حوار مع النبي سليمان بشأن ملكة سبأ]..فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ..[([8])الى آخر حواره، فأجابه النبي :

] قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ[([9]), وأجرى القرآن أيضا حوارا على لسان النملة في قصة سليمان(ع) نفسها فكانت تحذر أخواتها من ان ينالهم الشر أو يصيبهم الأذى من الجنود وهم لا يشعرون]حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ[([10])، وظهر الغرابان في قصة ابني آدم وإن لم يجر حوار على لسانيهما إلاّ ان ظهورهما في القصة كان له من الأهمية بمكان .

ثانيا :  المخلوقات الخفية

    كالملائكة والجن وشخصية إبليس، فالملائكة خلق غير مرئي يتمثل أحيانا بصورة البشر, كما في قصة ضيف إبراهيم الذين جاؤوه بالبشرى وأعلموه بأنهم مأمورون بإنزال العذاب على قوم لوط]وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قَالُواْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ[([11])

   وكما جاء الملك مريم في صورة البشر فاضطربت وخافت واستعاذت بالرحمن منه  قبل ان يكشف عن شخصيته] فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا [([12]).

    وإذا ما تركنا الملائكة وانتقلنا إلى الجن, وجدنا (صورا مبهمة غامضة لا تتمثل في صورة البشر ولا تأتي في أثواب الرجال...فإنا نلمس حركاتها ونسمع أقوالها ونلاحظ انفعالاتها واضطراباتها النفسية فيما نقرأ ونسمع، ولكنا لا نشاهد صورها الحسية كما هو الحال مع الملائكة)([13])

    ومن الجن مؤمنون وكافرون، وسورة الجن دليل حي على إيمان بعضهم، وكذلك لهم نشاط في قصة سليمان(ع) حين أبدى جني من جنوده استعداده ليأتي بعرش بلقيس]قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ[([14]), أما إبليس فكان شخصية جبارة متكبرة مبهمة خفية, وكان أول ظهوره في قصة آدم(ع) حيث امتنع عن السجود له متبجحا بمادة خلقته النارية.

ثالثا : الشخصية الإنسانية

    حيث وردت قصص كثيرة في القرآن الكريم عن الأنبياء والرسل والأولياء كآدم ونوح وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولقمان عليهم السلام جميعا, ووردت قصص عن أفراد عاديين أو ملوك أو وزراء مثل فرعون وهامان وآزر والعزيز وابن نوح وإخوة يوسف...وظهرت شخصيات نسوية وفي مقدمتهم مريم الطاهرة التي تفردت بذكر اسمها صريحا في القرآن الكريم واختصت سورة باسمها الشريف، وجاء أيضا ذكر امرأة فرعون وابنتا شعيب(ع) وأم موسى(ع) وامرأة عمران وملكة سبأ ...



رابعا :  الشخصية الجامدة

    وهي الشخصية غير الحية, في مقابل الحيوان والنبات, وهذه التسمية نوردها تسامحا؛ لصريح إخبار الله تعالى بحركتها]وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ[([15])، ويمكن أن نمثل لذلك بقصة النبي داود(ع) , حيث نلحظ فيها الإشارة الى تسبيحه(ع) ومشاركة الجبال له في هذا التسبيح ]إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ[([16]) فهل الجبل فعلا يمارس عملية التسبيح؟! 

    القرآن الكريم يقرر بأن الجبل كان يردد تسبيحات داود(ع) ويقرر أيضا تسبيح مطلق الظواهر الكونية لله تعالى إلّا إننا لا نفقه تسبيحها ]سَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [([17]) فإن مخلوقات الله تعالى سواء أكانت ناطقة أم صامتة إنما هي أمم أمثالنا في صريح قوله تعالى]وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم.. [([18]) .

الحيثية الثالثة : الشخصيات الرئيسة والثانوية  

    نقصد بالشخصية الرئيسة, هي التي تتحرك في جميع أقسام القصة فتمثل محورا أساسا، أما الشخصية الثانوية فهي نقيض الأولى حيث تتحرك لتمارس نشاطا معينا ثم تختفي من مسرح الأحداث لتفسح المجال لدخول شخصية أخرى, وقد تظهر مرة أخرى إن تطلّب الموقف . نمثل لذلك بقصة آدم(ع), حيث تستهل القصة بدخول شخصيتين هما: (الخليفة, والملائكة), ونلحظ الشخصية الرئيسة التي هي الخليفة آدم(ع) سيتمثل في أقسام القصة جميعا([19]):     

القسم الأول: 

تحرك آدم من خلال جعله خليفة]وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً[([20]) 

القسم الثاني: 

تحركه من خلال تعليمه الأسماء كلها]وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا[([21]).                 

القسم الثالث: 

أُمرت الملائكة وإبليس بالسجود له]وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ[([22]).

القسم الرابع

تم سكناه في الجنة]وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ[([23]) ثم هبوطه على الأرض]وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ[ ([24]).
  
     وهكذا رأينا أن آدم(ع) لم يختف في الأقسام جميعا ، بخلاف الأبطال الآخرين: (الملائكة، إبليس، حواء) الذين رسموا ثانويين يمارسون وظائفهم في نطاق محدود ثم يبتعدون عن مسرح الأحداث بعد ان يكونوا قد ألقوا إضاءتهم على الموقف .

الحيثية الرابعة : الشخصية الثابتة والمتحركة

    يتم بناء الشخصية الثابتة عادة حول فكرة واحدة, أو صفة لا تتغير طوال القصة فلا تؤثر فيها الحوادث ولا تأخذ منها شيئا, وتسمى الشخصية المسطحة في القصص التقليدية([25]), أما الشخصية المتحركة فهي التي( تتكشف لنا تدريجيا خلال القصة, وتتطور بتطور حوادثها, ويكون تطورها عادة نتيجة لتفاعلها المستمر مع هذه الحوادث, وقد يكون هذا التفاعل ظاهرا أو خفيا, وقد ينتهي بالغلبة أو بالإخفاق)([26]).
      وبين الثبات والتحرك والنمو تتدرج عدة أنماط من الشخصيات تتفاوت في مستوى نموها واتجاهه ، منها([27]):  

 أولا :الشخصية المتوازنة

    مثل شخصية مؤمن آل فرعون، وشخصية الساعي من أقصى المدينة، وشخصيات أهل الكهف، وشخصية المحاور لصاحبه في قصة صاحب الجنتين, وغير ذلك كثير، حيث نلحظ أن كلّ من هذه الشخصيات  تشترك في سمة إيجابية عامة وهي الإيمان الثابت المترسخ الذي لا يتزعزع مهما نازعته الخطوب .

 ثانيا : الشخصية الثابتة سلبيا 

   مثل: آزر، نمرود، هامان، قارون، أبو لهب، هذا فيما يتصل بالشخصيات الفردية، أما الشخصيات الجماعية فهي الأقوام البائدة كمجتمعات نوح وعاد وثمود .

 ثالثا : الشخصية النامية التي تبدأ ضالّة وتتطور الى مهتدية

   ومثالها شخصيات السحرة الذين اهتدوا، وشخصية بلقيس التي بدأت وثنية وانتهت مؤمنة, وشخصيات أصحاب المزرعة الذين أقسموا ليقطعن ثمارها مصبحين ولا يستثنون منها حصة المساكين  ولكنهم في نهاية المطاف, وبعد إبادة مزرعتهم, آبوا إلى رشدهم وندموا .

 رابعا :  الشخصية النامية التي تبدأ مهتدية وتتحول الى ضالة

    وهي على النقيض من الشخصية السابقة, مثل شخصية إبليس التي تحولت الى شخصية متمردة بعد ان كانت في مصاف الملائكة . إن مثل هذا الرسم للشخصية الملتوية المتمردة المستمرة على عصيانها سوف يحمل المتلقي على ان ينفر من هذه الشخصية كل النفور وأن يأخذ عظة وعبرة من ذلك, ويستخلص بأن الشخصية إذا أطاعت الله تعالى ربحت دنياها وآخرتها, وإذا واصلت سلوكها التمردي حينئذ سوف تخسر كليهما. 

 خامسا :  الشخصية الثابتة إلا انها تجنح الى التحول اضطرارا

    مثل شخصية فرعون حيث كشف بنفسه عن بطلان مواقفه عندما أقرّ بالوحدانية لحظة نزعه الأخير. 

 سادسا :  الشخصية المتأرجحة

    وهي شخصية متصارعة لا ترسو على شاطئ، مثل الشخصية الإسرائيلية, وقد عرض القرآن الكريم سلوكهم الملتوي, فإنهم بعد ملاحظة الإعجاز الذي واكب خلاصهم من فرعون من خلال شق البحر إذا بهم يطالبون موسى (ع) بأن يصنع لهم وثنا !! 

    والأعجب منه أنهم ما إن ذهب موسى(ع) الى الطور لملاقاة ربه حتى عبدوا العجل، وما إن قال لهم أحد أنبيائهم إنّ الله بعث لكم طالوت قائدا حتى اعترضوا على ذلك، وما إن اتجهوا إلى ساحة الحرب حتى تمردوا على أوامر قائدهم في تجربة النهر، وما إن وصلوا إلى الساحة حتى قالوا لا طاقة لنا بمواجهة العدو.. وهكذا يظل التأرجح بين الاستواء والانحراف ، طابعا ملحوظا لهذه الشخصيات المضطربة ذهنيا ونفسيا .


الدكتورة نهضة الشريفي  

الهوامش :                                                   



([1]) أو غير الإنسانية من حيوان أو جماد
([2]) سورة الشعراء : 105ـ 106
([3]) سورة الشعراء : 123ـ 124
([4]) سورة العنكبوت : 39
([5]) سورة الكهف : 65
([6]) سورة البقرة : 34ـ 35
([7]) ظ دراسات في علوم القرآن، الدكتور محمود البستاني : 346
([8]) سورة النمل : 22ـ 24
([9]) سورة النمل : 27ـ 28
([10]) سورة النمل : 18
([11]) سورة الحجر : 51ـ 60
([12]) سورة مريم : 17ـ 21
([13]) الفن القصصي في القرآن الكريم ، محمد أحمد خلف الله : 291
([14]) سورة النمل : 39
([15]) سورة النمل : 88
([16]) سورة ص : 18
([17]) سورة الإسراء : 44
([18]) سورة الأنعام : 38
([19]) ظ دراسات في علوم القرآن : 20
([20]) سورة البقرة : 30
([21]) سورة البقرة : 31
([22]) سورة البقرة : 34
([23]) سورة البقرة : 35
([24]) سورة البقرة : 36
([25]) ظ فن القصة , د . محمد يوسف نجم : 85
([26]) م . ن : : 86
([27]) ظ دراسات في علوم القرآن : 386 - 388

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات