القائمة الرئيسية

الصفحات



الآثار التربوية للصيــــــام

الآثار التربوية للصيــــــام


    يصنف القرآن الحكيم الناس في الحياة إلى فاشلين وناجحين، قال تعالى ]والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات..[ فإن من يعمل الصالحات مع فقدانه للإيمان بالعقيدة يصنف ضمن قائمة الخاسرين.       

أهمية العقيدة الإسلامية:

     حينما شرع الله تعالى الإسلام جعل له أصولا راسخة وقواعد متينة هي الأفكار والعقائد الإسلامية (أصول الدين) لتصنع الأرضية الخصبة لتقبّل الأحكام الشرعية (فروع الدين).

    هذا الاهتمام الكبير بالعقيدة لأنها هي التي تحفز الإنسان للقيام بالتكاليف الشرعية وتخلق لديه الرقابة الداخلية على التطبيق والالتزام.

    والذي يتشبث بفروع الدين وجزئياته دون أصوله فإنه غير مضمون الاستقامة والالتزام حيث يفقد الضمير الديني، وتزدحم لديه علامات الاستفهام حول أكثر الأحكام والفرائض.

    وهذه هي المشكلة التي تجعل معظم الشباب يتخذ موقفا سلبيا ازاء كثير من التكاليف الشرعية لأنه تلقاها منفصلة عن جذور العقيدة وأصول المبدأ, إذ نجد كثير من الأفراد- المسلمين بالهوية- لا يصومون أو لا يقتنعون بالصوم.

    وهؤلاء إذا كانوا معتنقين لأفكار الإسلام فمن السهل إقناعهم، حيث أن من أوليات العقائد الإسلامية الاعتقاد بعدالة الله تعالى وحكمته، وذلك يفرض علينا أن لا نتهمه تعالى بالظلم أو بالعبث في التشريع، وإذا كان الصوم من التشريعات الإلهية فلا بد أن يكون صالحا ومهما للحياة، فضلا عمّا نلاحظه من منافع وفوائد يقدمها الصوم للمجتمع.

معوقات المسير نحو التكامل:

     يحفزنا الإسلام على مواصلة طريق التقدم والتطور، ويطالبنا بالتغيير الدائم حتى نحقق في أنفسنا التكامل الإنساني، وفق أهداف الرسالة السماوية بيد أن هناك أمراضا وعقبات شاقة، تعترض طريق الإنسان نحو التكامل والتقدم فتعرقل المسير! ومنها:

أولا: الغرور وعدم الشعور بالحاجة إلى التغيير والتطور.
ثانيا: السير المعاكس وخطأ الطريق, وسلوك مسلك التخلف والانحطاط.
ثالثا: الانهزامية والتراجع أمام عقبات السير ومشاق الطريق .

    ولا يمكن التقدم إلا بالتغلب على هذه المشاكل , ومن هنا أعد الإسلام مواسم ودورات تربوية تستوعب الأمة كلها، لتنمّي فيها روح الثورة وتذكّي طموح التقدم وتعالج سلبيات المسير وتدفعها قدما نحو الإمام.
 
    وفي طليعة تلك المواسم: شهر رمضان المبارك الذي يستضيف الله تبارك وتعالى فيه جماهير الأمة ليلهمها الثقة والإرادة والصمود والإقدام، كما يقول الرسول الأعظم9 " هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجعلتم فيه من أهل كرامة الله".

    شهر رمضان مدرسة التغيير، ودورة التدريب على الثورة والتقدم، ومحطة التأمل في خبايا النفس وحركات السلوك.. ولكنه كأي مدرسة أخرى يحتاج الطالب فيها إلى الالتزام والمواظبة والانتباه والاهتمام، وإلا فسيكون نصيبه السقوط والرسوب ليأتي عليه العام الثاني بموسمه الدراسي وهو يعيش في نفس المستوى السابق.

    وينبغي في كل شهر رمضان يأتي على المجتمع ثم يغادره أن تغادر معه السلبيات والأخطاء التي توجد في أجواء المجتمع وأن يرتفع بعده مستوى إدراك المجتمع ووعيه وتتقوى إرادته وتتشجع أكثر على الإسراع في المسير، يقول الرسول الأعظم محمد9وهو يتحدث عن دور شهر رمضان في حياة الأمة وتأثيره عليها " شهر رمضان شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، ويمحو فيه السيئات، ويرفع فيه الدرجات".




    ومما يؤسف له أن الأمة بأغلبيتها الساحقة لا تزال تعيش في مستوى معين، وتكرر الرسوب في كل موسم رمضاني من كل سنة !

الصيام مدرسة تربوية

    كيف يمكننا الاستفادة من شهر رمضان المبارك وتحقيق أهدافه السامية في حياتنا؟
    يمكن الاستفادة عن طريق الالتزام ببرنامج تربوي يمكننا بواسطته استثمار هذا الموسم العظيم وجني ثمار التغيير من أجوائه المباركة , لا أن يمر علينا هذا الشهر الكريم كما يمر غيره من سائر الشهور دون أي تغيير في برامجنا اليومية وسلوكنا الاجتماعي.. ولا أن يقتصر التغير على الإمساك عن الطعام طيلة النهار ثم ننتقم لأنفسنا بالشره في الليل , أو يكون هذا الشهر الكريم مرتعا للأكلات الدسمة والموائد الثرية !! وفرصة للنوم الطويل والكسل القاتل !! وموسما لجلسات اللهو والبطالة لقتل الوقت والساعات في هذا الشهر العظيم الذي تعتبر ساعاته من أفضل الساعات وأيامه من أفضل الأيام ولياليه من أفضل الليالي .

    ينبغي على كل فرد مسلم قبيل إشراقة هذا الشهر الكريم أن يعيد النظر في برامج حياته، وينظم له برنامجا خاصا يعينه على الارتفاع إلى مستوى ومكانة هذا الشهر العظيم عند الله. ويمكنه من الاستفادة من أيامه ولياليه وساعاته في سبيل إصلاح واقعه وتطوير حياته..

أفضل الأعمال في شهر رمضان:

    يرى البعض: إن أفضل الأعمال في هذا الشهر قراءة القرآن، ويرى آخرون انه إفطار الصائم، ويذهب قسم ثالث إلى أنه صلة الرحم وعيادة المريض أو تلاوة الأدعية والأذكار..

    ولكن الرسول العظيم يلفت أنظارنا إلى جانب آخر، وهو: الجانب السلبي. فيعلمنا أفضل الأعمال في شهر رمضان، وهو الاجتناب عن المعاصي، وذلك حينما سأله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) عن أفضل الأعمال في هذا الشهر, قال9" الورع عن المعاصي " فعلى من يريد التقرب إلى الله في هذا الشهر المبارك، ويرغب في الحصول عل الثواب الوافر، أن يبتعد عن المعاصي والذنوب، ويعصم جوارحه عن الانزلاق في مهاوي الانحراف والخطأ.

الدكتورة نهضة الشريفي  


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع في المحتويات